التفاصيل :
يلاحظ أن أمريكا أصبحت أكبر ممول للحروب
الدامية التي تعاني من آثارها المدمرة كل شعوب العالم نظرا لما تحدثه هذه الحروب من
آثار بالغة على الاقتصاد العالمي وبالتالي لا تنجو من آثاره اية دولة في العالم. فعلى
سبيل المثال منذ تسعينات القرن الماضي وأمريكا تنشر قواعدها العسكرية وجيوشها لمناطق
كثيرة في العالم تحت مبرر حماية الأمن القومي الأمريكي، كما شنت حروب عدة منها مباشرة
كالحرب مع دولة العراق والقضاء على نظام حزب البعث الحاكم في العراق وبالتالي تدمير
الجيش العراقي والبنية التحتية للعراق وكذا انهيار الوضع الاقتصادي، الأمر الذي دفع
ثمنها الشعب العراقي معاناة إنسانية مستمرة منذ الحرب وحتى وقتنا الحاضر. ..أيضا حروب
أخرى عديدة كالحروب في أفغانستان وليبيا وسوريا
ومنذ 2014 تمول الحرب في اوكرانيا ثم الحرب الجارية حاليا في غزة وبنفس الوقت
تغذي الصراع ضد الصين في جنوب شرق آسيا وتسلح تيوان وتنشر قواعدها في كل بقاع العالم والحبل على الجرار كما يقال. وكل ذلك بعنوان حماية
المصالح الأمريكية والأمن القومي الأمريكي وأحيانا تحت عناوين أخرى مثل حماية الديمقراطية
والحرية وحقوق الإنسان في العالم. .... والنتيجة الواضحة لكل ما تقوم به أمريكا بمساعدة
النظم السياسية الغربية في أوروبا وغيرها من النظم التابعة للسيطرة الأمريكية قتل ودمار
وتدهور اقتصادي وانساني ويكلف ذلك الاقتصاد الأمريكي مئات المليارات من الدولارات سنويا
ويؤدي إلى إضطراب الاقتصاد ألعالمي وتدهور الأوضاع الإنسانية لمختلف شعوب العالم سنة
بعد اخرى ومزيد من التدهور الاقتصادي لدول العالم. وفي الآونة الأخيرة برز جليا سعي
الصين لتمديد نفوذها الاقتصادي من خلال مشاريع دولية عملاقة كمشروع ((الحزام والطريق))،
الأمر الذي صعد من النشاط الأمريكي الدولي لإشعال الحروب بهدف تعطيل ما تسعى اليه الصين
وروسيا وغيرهما من دول العالم بخصوص تشكيل عالم جديد متعدد الأقطاب يسوده التعاون والشراكة
في التنمية وتحقيق حياة أفضل لكافة شعوب العالم، وهو الامر الذي يرى فيه الأمريكان
تهديدا لمكانتهم الدولية وإضعاف نفوذهم في السيطرة على العالم. ولذلك فالامريكان رفعوا
بصورة كبيرة مخصصاتهم المالية للإنفاق على ما يتم اشعالها من الحروب بمئات المليارات
والأسلحة بصورة مهولة وغير مسبوقة. والسئوال الذي نريد الإجابة عليه باختصار بهذه السردية
هو من أين لأمريكا القدرة على الإنفاق الكبير الذي تقوم به لتمويل تدخلاتها العسكرية
بسخاء كما هو الحال في أوكرانيا وحاليا في فلسطين دعما للكيان الصهيوني. وللاجابة على
هذا السئوال ينبغي الرجوع إلى سبعينات القرن الماضي عندما نجحت امريكا في إلغاء قاعدة
الذهب للاصدارات النقدية واستبدالها بالعملة الأمريكية ((الدولار)) لتصبح العملة العالمية
للتبادل التجاري بين كافة دول العالم بعد إلغاء غطاء الذهب ويصبح الدولار بعد فترة
وجيزة المتحكم في الأسواق النقدية في العالم وأساس لتقييم الاحتياطيات النقدية لكافة
دول العالم كما صارت هذه الاحتياطيات بمثابة الغطاء للعملات المحلية بدلا عن غطاء المعادن
الثمينة كالذهب والفضة. الأمر الذي أدى إلى تعزيز
الثقة الدولية بالدولار في التبادل
التجاري العالمي وتكديس احتياطيات كبيرة لبلدان
العالم بعملة الدولار الأمريكي في السوق النقدية الدولية وصارت امريكا تتحكم بالاصدارات
النقدية والتبادل التجاري الدولي وكذا المتحكم
باقتصاديات كافة دول العالم .حيث ارتبطت هذه الاقتصاديات بحبال وثيقة بالاقتصاد
الأمريكي وتتاثر بما تتخذه أمريكا من سياسات مالية ونقدية،
الأمر الذي مكن الأمريكان من ممارسة الهيمنة والتحكم بأنظمة دول العالم ورفع
سلاح العقوبات الاقتصادية ضد من يخالف إرادتهم . .. وطالما وقد أصبحت امريكا الدولة
المتحكمة بقاعدة الإصدارات النقدية والتبادل التجاري الدولي ووعاء لارصدة دول العالم
وبالتالي مكنها ذلك من إصدار اية كمية من
النقود بالدولار الأمريكي باي وقت تريد بالإضافة للتصرف بما تراكم من الأرصدة الدولية
بالدولار الأمريكي الذي تصدره دون أي غطاء. وبالتالي فقد صارت بعد كل ذلك قادرة على
إنفاق المبالغ الكبيرة لتمويل حروبها التي نشاهدها وأشرنا إليها سابقا. ...فهي لا تخسر
اية أصول مادية من ثرواتها بل أوراق مالية متراكمة ويمكن إصدار المزيد منها متى ما
أرادت. .. الأمر الذي بدأ يواجه من بعض دول العالم الكبرى وتنشأ تكتلات دولية جديدة
مثل تكتل دول البريكس ((روسيا، الصين، الهند، البرازيل وجنوب أفريقيا)) واضيف إليها
في العام الحالي العديد من الدول وانشئت منظمات دولية كمنظمة شنغهاي وبنك التنمية الدولي لمواجهة منظمة
التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تتحكم بها وتديرها أمريكا
وغيرها من التكتلات والمنظمات لمواجهة الهيمنة الأمريكية التي صارت تمارس الغطرسة والعقوبات
وإشعال الحروب لخدمة اقصادها المتغول في عموم اقتصاديات العالم. واخيرا بدأ يلوح في
الأفق الفكاك من هذه الهيمنة الأمريكية ليحل محلها عالم متعدد الأقطاب يساعد على وضع
نهاية للهيمنة ألامريكية وحروبها التي تشعلها في العديد من مناطق العالم وهو الأمر
الذي يشير إلى ان الأمريكان فقدوا الكثير من صوابهم وألتوجه للمزيد من إشعال الحروب
وتمويلها بما لديهم من الأرصدة العالمية المتراكمة بالدولار عائدة للبلدان ذات الاقتصادات
القوية بارصدة ضخمة بالعملة الأمريكية ((الدولار)) ومنها السعودية ودول الخليج العربي.
ويدعو ذلك إلى أن تعمل هذه الدول لسحب ارصدتها بالدولار وانتهاج سياسات مالية ونقدية
جديدة تمكنها من مواجهة آثار ما يترتب عليه من آثار السياسات الأمريكية الخاصة بنظام
العقوبات المتبع وبنفس الوقت الخروج من العباءة الأمريكية الاخذة بالتراجع مقابل صعود
دول أخرى باقتصاديات واقعية ضخمة كالصين والهند. ..... وغيرها بدلا عن الاقتصاديات
الورقية التي تأخذ ما تريد من ثروات العالم مقابل نقود ورقية كامريا.