التفاصيل :

الجغرافيا نعمة ام نقمة

 

يلعب موقع الدول دورا مهما في تطورها واستقرارها إذا ما تم الاستفادة منه وتسخيره لخدمة الدولة بعيدا عن التجاذبات والصراعات والتدخلات الاجنبية.

لعل من اهم المزايا النسبية لليمن هي الموقع الجغرافي الذي حبأة الله بهذه البلاد.

تربض اليمن في اهم موقع جغرافي اقليميا ودوليا حيث تتوسط العالم وتربط بين عدة قارات كما تربط شرق العالم بغربه ولجغرافية اليمن اهمية استراتيجية واقتصادية وعسكرية عبر التاريخ.

ساهم الموقع الجغرافي لبلاد العربية السعيدة مساهمة حيوية في ازدهار المنطقة والعالم ثقافيا وحضاريا وتجاريا حيث كانت بلاد العربية السعيدة همزة وصل بين شعوب شرق آسيا كالصين والهند وما ورائهما ومنطقة شرق افريقيا وحوض البحر الابيض المتوسط وما ورائهما حيث كانت بلاد السعيدة همزة وصل من خلال استخدام اراضيها سواء كان برا او بحرا سوقا لتبادل السلع ولتبادل التجارة والثقافة والحضارة لتلك الشعوب عبر الازمنة والعصور كما كانت ممرا لعبور السلع والبشر والثقافة والحضارة.

ولعل ما يكسب الموقع الجغرافي اهميته هو مضيق باب المندب والذي يسميه بعض المؤرخين باب الدموع والذي يبرز علامة من تاريخ المضيق كممر تجاري وسياحي للإنسانية ترافق المرور عبرة او العيش حواليه مآسي ونعم  حدثت في الماضي السحيق والتي سجل بعضها التاريخ من خلال استخدام المضيق والصفات التي وصف بها المضيق تلك الاحداث قد تكون بفعل عوامل طبيعية او بشرية.

كان ولا يزال وسيظل مضيق باب المندب منطقة منافسة وصراع دولي واقليمي رغما عن اليمن وجيرانها. فقد شهد المضيق تنافس دولي عبر التاريخ من اجل استخدام مزاياه كممر تجاري دولي وموقع استراتيجي عسكريا وامنيا تستخدمه الدول القوية لتحقيق وحماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية واستخدام موانئ منطقة باب المندب في نهب الموارد الطبيعية في المنطقة وحتى استخدامه في تجارة الرقيق ونهب واستعمار البلاد المتخلفة لصالح الدول المتقدمة وعلى حساب مصالح المنطقة.

لم تستطع البلدان المتشاطئة على مضيق باب المندب ومنها اليمن الاستفادة من المزايا الاقتصادية والإستراتيجية للمضيق وذلك بسبب التخلف الاقتصادي وغياب استراتيجية واضحة لاستغلال مزايا الموقع الجغرافي وغياب الاستقرار السياسي لتلك الدول لفترات طويلة وغياب الدولة الوطنية حيث تتسم دول تلك المنطقة بالاضطرابات والصراعات والتبعية للقوى العظمى لفترات طويلة جدا والامثلة واضحة وجلية لما دار ويدور من حروب في اليمن والصومال وارتيريا واثيوبيا وتبعية جيبوتي للدول الغربية.

على الرغم من اهمية موقع اليمن وسيادتها على باب المندب فأنها لم تتمكن من فرض سيطرتها على الموقع الجغرافي وخاصة باب المندب وعدم قدرتها على الاستفادة منة اقتصاديا واستراتيجيا وعسكريا والحفاظ على المنطقة كجزء من الامن القومي للدولة او استخدامه في فرض نفوذها وعلاقاتها السياسية مع بقية دول العالم.

ان تحول الموقع الجغرافي من نعمة الى نغمة واضح وضوح الشمس حيث تحول باب المندب وجنوب البحر الاحمر الى مشكلة كبيرة لليمن وذلك بعد ان حولته بعض القوى اليمنية المتحاربة الى موطئ قدم للصراعات والتدخلات الاقليمية والدولية وتحول اخيرا الى منطقة حرب خطرة بين ايران ووكلائها من جهة والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية من جهة اخرى، حيث تحولت مزايا المنطقة جغرافيا الى طارد للحركة الملاحية والتجارية العالمية واثرت الحرب على الاقتصاد العالمي وعلى اقتصاد وتجارة دول المنطقة وبالذات اليمن.

ان التمتع بنعم الموقع الجغرافي يستلزم وقف الحرب وسيادة السلام المستدام والسيطرة الوطنية على المنطقة ورفض التدخلات الخارجية والسيطرة على الموانئ والمطارات وحركة الملاحة والتجارة واستثمارها لأجل بناء اقتصاد نامي ومستدام.

                                                                                                                                                                                                                  د. حسين الملعسي

رئيس تحرير مجلة الرابطة الاقتصادية


التعليقات:
قم بتسجيل الدخول لتتمكن من التعليق تسجيل الدخول

شركاؤنا