التفاصيل :
العلاقة بين صناعة الاسمنت والبيئة
سنتعرف في هذا المقال على صناعة الاسمنت وعلاقتها بالبيئة حيث العالم يعمل جاهدا على وقف تدهور البيئة بكل السبل المتاحة، وسوف نتعرف هنا على الآثار البيئية لصناعة الاسمنت التقليدية ونعرض ملامح الصداقة بين صناعة طحن الاسمنت والبيئة.
تعد صناعة الأسمنت من الصناعات الثقيلة التي تؤثر بشكل كبير على البيئة نظرا للتأثيرات الناتجة عن عمليات الاستخراج والإنتاج تعتمد الصناعة على استخراج المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إضافة إلى استهلاك كميات هائلة من الطاقة في عمليات الإنتاج مما يؤدي إلى انبعاث غازات مثل ثاني أكسيد الكربون.
تأثيرات صناعة الأسمنت على البيئة:
تؤثر صناعة الاسمنت التقليدية على البيئة من حيث:
- يمثل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتج عن صناعة الاسمنت حوالي 8% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية حيث ينبعث ثاني أكسيد الكربون خلال عملية حرق الحجر الجيري (الكربونات) وتحويله إلى أكسيد الكالسيوم.
- يتطلب إنتاج الأسمنت استهلاك الطاقة تحت درجات حرارة عالية (1450 درجة مئوية) مما يتطلب كميات كبيرة من الوقود الأحفوري.
- الاثار الناتجة عن انبعاث الغبار والجسيمات الدقيقة فأثناء الطحن والنقل تنبعث كميات كبيرة من الغبار الذي يؤثر على جودة الهواء وصحة السكان المحليين.
- تؤثر عمليات استخراج المواد الخام على المياه الجوفية والتربة مما قد يؤدي إلى تدهور النظام البيئي.
- التلوث الضوضائي الناتج عن تشغيل المعدات الثقيلة والتفجير أثناء استخراج المواد الخام والذي يسبب ضوضاء تؤثر على الحياة البرية والسكان القريبين.
وبرزت عدة بدائل للتخفيف من الاثار البيئية لصناعة الاسمنت التقليدية من خلال التطورات التكنولوجية الحديثة ومنها مشاريع صناعة طحن الاسمنت الصديق للبيئة.
دعونا نستعرض ملامح الصداقة بين مصانع طحن الاسمنت والبيئة.
ان مشاريع مصانع طحن الأسمنت هي مشاريع صديقة للبيئة ويجب تصميمها وتشغيلها بأسلوب يراعي تقليل الأثر البيئي وتجاوز اغلب المشاكل البيئية التي تسببها مصانع الاسمنت التقليدية.
يجب ان تكون مشروعات طحن الاسمنت مشروعات مستدامة ويتحقق ذلك من خلال:
- ان تستخدم التكنولوجيا الحديثة الصديقة للبيئة.
- ان تكون طواحين الكلنكر موفرة للطاقة وذلك باستخدام طواحين حديثة ذات كفاءة عالية لتقليل من استهلاك الطاقة.
- توظيف أنظمة حديثة لاسترداد الطاقة مثل أنظمة استعادة الحرارة المهدرة لإعادة استخدامها في العمليات الإنتاجية.
هذا النوع من المشاريع تساعد على تقليل انبعاثات الكربون وذلك من خلال:
- استخدام مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية أو الرياح لتشغيل المصنع.
- استخدام مواد خام بديلة منخفضة الكربون في عملية الإنتاج مثل الرماد المتطاير أو خبث الأفران العالية.
- تساعد هذه المشاريع في إدارة المخلفات بكفاءة.
- يوفر هذا النوع من المشاريع فرص لإعادة تدوير مخلفات الإنتاج في صناعة مواد البناء الأخرى.
- تعتمد المشروعات أنظمة إدارة المخلفات التي تقلل من التلوث الناتج عن الغبار أو النفايات السائلة.
ومن خصائص هذه المشاريع ايضا انها تقلل استهلاك المياه حيث:
- تطبق أنظمة إعادة تدوير المياه المستخدمة في عملية التبريد أو التنظيف.
- تستخدم تقنيات حديثة مثل التبريد الجاف لتقليل استهلاك المياه.
من خصائص مصانع طحن الاسمنت يمكن توفير فرص لإعادة تشجير المناطق المحيطة بالمشروعات من خلال:
- زراعة الأشجار حول المصنع لتقليل التأثير البيئي على البيئة المحيطة.
- تخصيص مساحات خضراء لتحسين جودة الهواء وتقليل آثار الانبعاثات.
هذا وتلتزم المشاريع بالمعايير البيئية من خلال:
- الالتزام بالمعايير المحلية والدولية المتعلقة بجودة الهواء وانبعاثات الغبار.
- إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي بانتظام وتطبيق التوصيات الناتجة عنها.
اجتماعيا تمكن المشاريع من العمل على زيادة التوعية المجتمعية عبر:
- إشراك المجتمع المحلي في خطط تحسين البيئة.
- تقديم برامج توعية بيئية ومبادرات دعم للمنطقة المحيطة بمصانع طحن الاسمنت.
ان الالتزام بتنفيذ المحددات أعلاه يجعل مصانع طحن الأسمنت أكثر توافقاً مع متطلبات الاستدامة البيئية ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وفي بلادنا فإن تطوير صناعة الأسمنت بطريقة صديقة للبيئة يحتاج إلى تكاتف الجهود بين الحكومة والسلطات المحلية من جهة مع المصنعين والباحثين ومنظمات المجتمع المدني لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لصناعة الاسمنت.
اخيرا ندعو السلطات المختصة ضرورة دعم مشاريع صديقة للبيئة واعتبارها افضلية على غيرها واستحداث سياسات وإجراءات محفزة وضامنة لشركات الاعمال والمستثمرين في صناعة طحن الاسمنت.
د. حسين الملعسي
استاذ الاقتصاد الدولي المشارك
جامعة عدن كلية الاقتصاد والعلوم السياسية